الرمسة – فريق التحرير
في واحد من أقسى المشاهد التي تمر فيها إيطاليا هذه الأيام .. مشهد بائس وحزين تابعه الإيطاليون بحسرة وألم .. حينما كانت شاحنات الجيش الإيطالي تمر مساء امس الأربعاء من امام شرفات منازلهم وهي تنقل 60 جثمانا من ضحايا عدو البشرية “كورونا” المستجد، لحرقها في المقابر، ونقل حفنة رماد من كل جثمان إلى ذويه في مدينة Bergamo الأكثر ابتلاء بالفيروس في مقاطعة “لومبارديا” بالشمال الإيطالي.
10 شاحنات عسكرية تابعة للجيش الإيطالي حملت جثامين ضحايا كورونا من الإيطاليين وسارت ببطء في تشييع جماعي صامت في طريقها الى فرن. المقبرة ليتم حرقها وتوزيع رمادها على ذويها فيما بعد.
لقد توفي امس الأربعاء في ايطاليا 475 شخصاً في حصيلة هي الأكبر في يوم واحد حتى الآن، وبها ارتفع عدد المتوفين إلى أكثر من 3000 حتى صباح اليوم، قتلهم الفيروس المستمر فتكا بالطليان المنعزل معظمهم في الشقق والمنازل منذ أيام.
كان امس الأربعاء يوما حزينًا في ايطاليا لم يشهد الطليان مثيل من قبل ولا حتى ايام ويلات الحرب العالمية الثانية .. انها مشاهد مأساوية تفتقد فيها أسس الانسانية التي تربينا عليها وانتزعها من بيننا هذا الفيروس اللعين الذي باستهتارنا ولا مبالاتنا نسمح له ان يتغلغل بيننا ويضرب اكبر عدد منا ..
فلم يكف العائلات الثكلى في ايطاليا فقدانها أحبائها بل تم ايضآ حرمانها من القاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم … كان ممنوعا عليها الانتقال إلى حيث تم حرق الجثث في ساعة متأخرة من الليل خارج المدينة، خشية وصول الفيروس إليهم.
الطلبان احرقوا جثامين من فتك بهم عدو البشرية في مقبرة اطلقوا عليها اسم San Cataldo di Modena ويتوقع اليوم الخميس وصول 31 جثمانا جديدا إليها،وفقا لصحيفة إيطالية ويتوقع المزيد فإيطاليا تأخرت في فرض إجراءات العزل الصحي والطلبان أنفسهم عاندوا في الأيام الاولى هذه الإجراءات لكنهم حينما بدأوا يتحسسون الم فراق أحبتهم ومخاوف ان يلاقوا ذات المصير وان يكونوا عاملا في توسع رقعة انتشار وتفشي الفيروس في بلادهم عادوا الى رشدهم والتزموا منازلهم وتحولوا الى عامل إيجابي مساند لسلطات بلادهم في حربهم التي اعلنوها على كورونا..
إيطاليا المنكوبة بعدد مصابين بكورونا وصل الى 35713 وبعدد وفيات عال ويتصاعد يوميا بطريقة مهولة بدأت تعطي نصائح ودروسا للعالم رغم الكارثة التي حلت بها من خلال اقرارها ان تأخرها باجراءات العزل الصحي وما يرافقه من خطوات أوصلها لما هي عليه الان ولسان حالها يقول لشعوب العالم لا تسمحوا ان تكرروا تجربتنا ..احترسوا وسارعوا الى الحجر الصحي والزموا بيوتكم حتى لا تحل ببلادكم الكارثة التي تحل بنا.
ايطاليا الان وبعد هذا التاريخ الضارب في اعماق الزمن القديم وبعد كل ما حققت من إنجازات لم يعد ينطبق عليها في هذه الأيام المقولة الشائعة :” كل الطرق تؤدي الى روما”.. لكن حتمًا ستعود ايطاليا لتكون ملتقى لشعوب العالم بعد القضاء على هذا العدو الخطر غير المرئي الذي يتسلل خلسة ويعشعش في جنبات البشرية .